أخبار الطوشات
صار ملفتاً في المواقع الإلكترونية أن تجد خبراً يقول: مشاجرة حامية في المنطقة الفلانية تؤدي إلى اصابة (3) شبان.. لدرجة ان اخبار المشاجرات صارت تحصد قرآءً أكثر وتوضع في رأس الصفحة الأولى.
المهم أن المواقع الإلكترونية توغل في التفاصيل وتذكر أسباب (الطوشة).. للدرجة التي قرأت فيها قبل أيام تفاصيل دقيقة جداً من ضمنها أن أحد المصابين تعرض للضرب بأداة حادة (موس) مما تسبب في جرح قطعي أسفل الأذن اليمنى.
وللعلم، فهذه المواقع تغطي أخبار (الطوشات) في كافة المناطق جنوب وشمال وشرق وغرب.. دون تحيز.
لدي سؤال حين يفتح مواطن عربي لبناني على سبيل المثال يسكن بيروت موقعاً ويقرأ خبر مشاجرة بين عشيرتي (س وص).. ماذا سيكون انطباعه.. وحين يقرأ في التفاصيل مثلاً ويصل عند جملة :وقد استعملت في المشاجرة المشارط والسكاكين والحجارة، كيف سيشعرْ..؟! والأغرب ان يجد إعلاناً في الموقع نفسه لـ(سرايا شرم الشيخ) مثلاً ويتحدث عن الانجاز الهائل لهذا المشروع ومئات الملايين التي انفقت.
وانه من المشاريع الرائدة في الوطن العربي.. يا ترى بماذا سيفكر هذا المواطن.
والاغرب ان يتم التصريح في هذا المضمار بأن الأمن مستتب.
حتى ان الاخبار المتعلقة بـ(الطوشات) صار يكتب فوقها عاجل ويقال: وقد أكد مندوبنا الموجود في موقع الطوشة، ان ثمة زغاريد انطلقت من (ام جمعة)... من اجل دب الحميّة في نفوس الشباب...
ومن ثم يرسل تفاصيل عاجلة تؤكد اصابة (ام جمعة) بموس كبّاس ونقلها الى المستشفى.
لا أنسى في هذا المجال التأكيد على المشاركة النسوية فغالبا ما تم اضافة جملة تؤكد اصابة سيدة في العقد الخامس من عمرها نتيجة حجر طائش استقر في (صباحها ولعن صباح ابو اللي خلفها).
قبل فترة نقلت احدى الوكالات الإخبارية (موقع إلكتروني) خبراً عن طوشة عشائرية.. ومن ضمن الخبر وردت جملة تقول: وقد استعملت الشباري وزجاجات الكولا الفارغة.. وهذا مهم يؤكد ان المشروبات الغازية لها دور حاسم في الطوشة..
أحدهم اكد لي قبل فترة وأنا اراجع اخبار طوشة عشائرية ان احد المتضررين من الطوشة قد اصيب بكسر في عظمة الترقوة.. مع انه مدرب ويعمل في ناد للتايكواندو.. ومتخصص في قتال الشوارع.. استغربت المسألة رجل متخصص في قتال الشوارع ويصاب بهذا الشكل.. لكن المندوب الذي غطى الطوشة اكد لي انه تم (بطحه) على الرصيف لهذا اصيب ولو كان موجوداً على الشارع لما تعرض للاصابة بحكم ان تخصصه قتال شوارع وليس ارصفة..
ربما هو الهوس في الحصول على الخبر لدينا.. وربما هو شغفنا بالطوشات..
على كل حال تبقى هذه الاخبار تأخذ حيزاً في المواقع الالكترونية اكثر من اخبار وزارة البيئة..
انا ذاهب للاطمئنان على (أم جمعة).. باي..