ذكر المؤرخ المقريزي أن المعتمد اخر ملوك بني العباد في الاندلس كان متزوج من جاريه أسمها
(اعتماد )وكان يحبها حباً جما ويعاملها برفق ولين ويحرص على ارضائها وتلبية جميع رغباتها
وذات يوم أطلت من شرفة القصر فرأت القرويات يمشين في الطين فاشتهت أن تمشي
هي ايضاً في الطين …..
وحدثت زوجها بذلك فخاف على قدميها أن يمسها الطين …
فألحت عليه فأمر الملك أن يؤتى بالمسك والعنبر وأنواع الطيب المختلفه فطحنت
وصبت في صالة القصر,
ثم أمر أن يأتوا بماء الورد ويصبوه على الطيب …وعجنوه بالايدي
حتى اصبحت كالطين …
وعند اذ جات اعتماد مع جواريها تتهادى بينهن فخاضت بقدميها في هذا الطين
الذي بلغت أثمانه الاف الدنانير ,وحققت رغبتها ومشت في الطين..
وذات يوم سمعت من زوجها كلمه اغضبتها فنظرت اليه وقالت له :
والله مارأيت منك خيراً قط …
فقال لها المعتمد :ولا يوم الطين …؟ فاستحيت واعتذرت
وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم
( لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم
رأت منك شيئاً قالت : ما رأيت منك خيراً قط )) .
وفي أول يوم عيد بسجنه بأغمات أفطر على تمرات وقد دخل عليه بنيه وبناته
عليهن أطمار وأقدامهن حافية , فقال المعتمد بن عباد شعرا يوزن بالذهب:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ************ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة ************يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة *************** أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ************* كأنها لم تطأ مسكاً و كافـورا
لا خـد إلا تشكى الجدب ظاهره ******** وليس إلا مع الأنفاس ممطورا
أفطرت في العيد لا عـادت مساءته ******** فكان فطرك للأكباد تفطيرا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً *********** فردك الدهر منهيـاً ومأمورا
من بات بعـدك في ملك يُسَرُّ به ********** فإنما بات بالأحـلام مغرورا